تحت عنوان ( ذكاء اصطناعي عراقي ) كتب الاستاذ الدكتور مازن عوني .

الديرة نيوز
0

 الديرة نيوز ...


سلسلة مقالات كتبها الاستاذ الدكتور مازن عوني مهدي .


( ذكاء اصطناعي عراقي )


بدأت كرة ثلج الخاصة بالذكاء الاصطناعي بالتدحرج بسرعة، لا سيما بعد دخول الصين على خط المنافسة من خلال إطلاقها موقعي  DeepSeek و Qwen 2.5-Max للذكاء الاصطناعي، بعد هيمنة أمريكية شبه مطلقة، قادتها شركات مثل   OpenAI مالكة البرنامج الشهير GPT، وغوغل، بالإضافة إلى إنفيديا وميتا.

لم تفلح سياسة الولايات المتحدة في فرض الحصار التكنولوجي على الصين في كبح جماح التنين الصيني ومنعه من الانقضاض على هذا المجال الحيوي، بل ربما جاءت نتائج ذلك الحصار عكسية، فأوقدت لدى الصينيين روح التنافس والتحدي للتغلب على الصعاب وامتلاك تكنلوجيا الذكاء الاصطناعي.

يُعَدّ برنامج  GPT الأشهر عالميًا، حيث أبصرت أول نسخة منه النور عام 2018، لتتوالى بعد ذلك الإصدارات المطوّرة، آخرها  ChatGPT المولود عام 2022، والذي أظهر قدرات غير مسبوقة في الفهم السياقي، وتحليل الصور، ودقة معالجة البيانات، فأصبح أداة فعالة للشركات والأفراد في شتى مجالات الحياة، مثل التعليم، والأعمال، والبرمجة، وغيرها.

قريبًا، سيُطبَّق الذكاء الاصطناعي في كل جوانب الحياة البشرية، وستصبح كل شاردة وواردة مرتبطة به بشكل او بأخر. طبيبك سيكون في جيبك، تستشيره في تحديد سبب أي ألم لديك، فيشخّص الحالة ويصف لك العلاج. لن يحتاج أصحاب الشركات إلى سكرتيرات، إذ سيقوم الذكاء الاصطناعي بجدولة المواعيد والرد على الرسائل الإلكترونية، كما لن تكون هناك حاجة إلى محاسبين، حيث ستتولى الأنظمة الذكية إدارة الحسابات. حتى شركات التصاميم الهندسية والديكور لن تكون بحاجة الى توظف مهندسين، بل ستعتمد على برامج ذكاء اصطناعي تقوم بالمهمة على أكمل وجه.

سنشهد في المستقبل جامعات تعمل بالكامل بالذكاء الاصطناعي، فلا رؤساء جامعات، ولا قيادات إدارية وفنية، ولا حتى أساتذة! فقط برامج ذكية وطلاب، ترسل المحاضرات مباشرة إلى الهاتف، ويُجرى الامتحان عبر الذكاء الاصطناعي عن بعد، وهكذا حتى التخرج ونيل الشهادة… مبروك!. لا أحد، ولا حتى إيلون ماسك، يستطيع التنبؤ بحجم كرة الثلج هذه أو سرعة تدحرجها، لكن الأهم هو: كيف سيتعامل العراقيون مع هذا الوضع؟

في العراق، لكل دائرة حكومية مكاتب أهلية تعمل بالتوازي معها (لخدمة المواطن طبعًا!) ، فمثلًا، لا يمكن إنجاز أي معاملة مرورية دون المرور بأحد هذه المكاتب، وكذلك الحال في معاملات التسجيل العقاري أو البلدية، بل وصل الأمر إلى مكاتب لكتابة الأطروحات لطلبة الدراسات العليا، بل وحتى الأبحاث العلمية للأساتذة!(البعض، وليس الجميع طبعًا). لا شك أن الفرد العراقي يملك الذكاء والفطنة، وسوف يوظف هذه الأداة المسماة الذكاء الاصطناعي ويجعل منها مصدر رزقه وقوته اليومي. فمثلًا، قد نرى قريبًا لافتات مثل"مكتب الأخوين للذكاء الاصطناعي - الأمريكي اختصاصنا" ، " مكتب عمار التقني للذكاء الاصطناعي - طبيب، تصليح، تصاميم هندسية" او "مكتب الأذكياء للذكاء الاصطناعي - لكافة المتطلبات". وأنت في طريقك إلى العمل، قد تسمع صوتًا في محرك سيارتك، فتتوقف عند أقرب مكتب ذكاء اصطناعي ليحدد لك العطل خلال دقائق، وبالمرة تسأله عن سبب الصداع الذي تعاني منه، فيشخص حالتك ويصف لك العلاج! أما إذا رغبت في بناء منزل جديد، فسيزودك أحد المكاتب بـ عشرة نماذج مختلفة من خرائط البناء، وكل نموذج بسعر ألف دينار، أما إذا طلبت حساب تكلفة البناء، فالنموذج سيكون بـ ألف ونصف. مشكلتنا الوحيدة ستكون تحديد الجهة أو الوزارة المخولة بإجازة هذه المكاتب، أما المشكلة الأكبر، فستكون لو أُحيل الأمر إلى البرلمان لإصدار قانون ينظم عمل مكاتب الذكاء الاصطناعي!  عندها سيدخل القانون في خانة التفاهمات السياسية والمحاصصة الحزبية وربما يمرر بسلة واحدة مع قانوني جواز السفر الفضائي والعفو عند المقدرة.


إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)

 


 


 


#buttons=(Accept !) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. اعرف المزيد
Accept !